حكاية المغني والذئب
حسم المطربُ يوماً أمرهُ بالاغترابْ
قالتْ الأمُ حذار، غربةُ الأول عذابْ
قال يا أمي سئمتُ من أهالي بلدتيْ
أنكروا فني عليَّ أطفأوا موهبتيْ
ولدي تبدو عجيباً، كيف تُرضي الغرباء؟
جّرب الصبر وغنيّ ما يُؤدى من غناءْ
آه يا أمي آه.. إنْ في قومي داء هو داءُ الببغاءْ
حفظوا عن ظهرِ قلب كلُّ ما للغرباءْ...
ولدي ابني حبيبي.. سر وتحميكَ السماءْ...
حملَ العودَ وحيداً.. من تلالٍ لسهولْ.. لجبالٍ لحقولْ..
دخَل الغابة ليلاً من زئيرٍ لصفيرٍ لهواءٍ كالطبولْ..
وإذا بالذئب ضيفٌ جائعُ العينينِ غولْ
وهل العودُ سلاحٌ؟ صَعُبَتْ كلُ الحلولْ..
أمسكَ العودُ وغنّى خائفاً مضطربا
هدأ الذئبُ واصغى دهشةً أو طربا
أغمضَ العينينِ نامْ..
هكذا فرح المغني.. هاتفاً عاشَ السلامْ
إنني أطربت ذئباً.. من سيمنحني الوسامْ؟
حينما صمت المغنّي.. عاودَ الذئبُ الهجومْ
مثل زلزالٍ رهيب.. وكرعدٍ في الغيومْ
وهنا غنّى المغنّي عشَر ساعاتٍ طوالْ
دمُ كفيه نزيفٌ وعلى الأوتار سالْ
وشخير الذئبِ يشدو ربما لحنَ القتالْ
وصحا الذئبُ أخيراً بعواءِ كالبكاءْ
كشهابٍ في السماءِ واثباً نحو الوراءْ
.. وهُنا قامَ المغني نافضاً عنهُ الترابْ
وأحس اليومَ دهراً يا لأحزان الغيابْ
قبَّلَ العودَ وغنّى وهو في عزِ العذاب
إن من يجني عليهِ أهلّهُ بالاغترابْ
قد يبيعَ الفنَّ يوماً بينَ أنيابِ الذئابْ!!
* * * *
كريم العراقي
</I>
حسم المطربُ يوماً أمرهُ بالاغترابْ
قالتْ الأمُ حذار، غربةُ الأول عذابْ
قال يا أمي سئمتُ من أهالي بلدتيْ
أنكروا فني عليَّ أطفأوا موهبتيْ
ولدي تبدو عجيباً، كيف تُرضي الغرباء؟
جّرب الصبر وغنيّ ما يُؤدى من غناءْ
آه يا أمي آه.. إنْ في قومي داء هو داءُ الببغاءْ
حفظوا عن ظهرِ قلب كلُّ ما للغرباءْ...
ولدي ابني حبيبي.. سر وتحميكَ السماءْ...
حملَ العودَ وحيداً.. من تلالٍ لسهولْ.. لجبالٍ لحقولْ..
دخَل الغابة ليلاً من زئيرٍ لصفيرٍ لهواءٍ كالطبولْ..
وإذا بالذئب ضيفٌ جائعُ العينينِ غولْ
وهل العودُ سلاحٌ؟ صَعُبَتْ كلُ الحلولْ..
أمسكَ العودُ وغنّى خائفاً مضطربا
هدأ الذئبُ واصغى دهشةً أو طربا
أغمضَ العينينِ نامْ..
هكذا فرح المغني.. هاتفاً عاشَ السلامْ
إنني أطربت ذئباً.. من سيمنحني الوسامْ؟
حينما صمت المغنّي.. عاودَ الذئبُ الهجومْ
مثل زلزالٍ رهيب.. وكرعدٍ في الغيومْ
وهنا غنّى المغنّي عشَر ساعاتٍ طوالْ
دمُ كفيه نزيفٌ وعلى الأوتار سالْ
وشخير الذئبِ يشدو ربما لحنَ القتالْ
وصحا الذئبُ أخيراً بعواءِ كالبكاءْ
كشهابٍ في السماءِ واثباً نحو الوراءْ
.. وهُنا قامَ المغني نافضاً عنهُ الترابْ
وأحس اليومَ دهراً يا لأحزان الغيابْ
قبَّلَ العودَ وغنّى وهو في عزِ العذاب
إن من يجني عليهِ أهلّهُ بالاغترابْ
قد يبيعَ الفنَّ يوماً بينَ أنيابِ الذئابْ!!
* * * *
كريم العراقي
</I>