مشى تحت أشعة الشمس الحامية قاطعا الشارع إلى الرصيف المقابل مفكرا لو أنه بقي على هذه
الحال فلن يتقدم أبدا
نعم فهو في وظيفته منذ سنوات..ولكن
كالحمار الذي يجر الساقية .. فقط يدور في مكانه
يأخذ الراتب بهذه اليد وفي اليوم العشرين يكون قد قضى عليه..لا بل هو ينتهي من تلقاء نفسه
إنه بحاجة لعمل أضافي..يغدق دخلا أضافيا
وصل الرصيف وخطا عليه..مفكرا
أصبح السرفيس حسرة في أخر الشهر
أما تكسي الأجرة..آه حلم بعيد..
استرعى انتباهه لافتة على واجهة أحد المحال كتب عليها
( مطلوب محاسب بدوام جزئي )
هاهي الفرصة قد أتت أمسك مقبض الباب الزجاجي ليدخل لكنه وجده مغلقا
إنها استراحة الغداء ..سأعود غدا
حث خطاه لنزله الصغير الذي هو عبارة عن غرفة فوق السطح مع منتفعات صغيرة
أعد وجبة خفيفة تناولها بنهم مميز ريثما كان الماء يغلي في أبريق الشاي
ليلقمه حفنة من أوراق الشاي ويتركه ليخدر..
صب لنفسه كأسا وأشعل سيجارة..
زفر دخانها وراح ينظر للحلقات الصاعدة في الهواء..
كم مرة فكر فيها أن يترك التدخين..لعله يستفيد من توفير ثمنه..لكنه وجد أن راحة البال
في أن يحرق السيجارة خير من أن تحترق أعصابه.
راح يحلم ..آه لو استطاع الحصول على هذه الوظيفة ستحل كل المشاكل، ربما خلال سنة أو اثنين لكنها ستحل
الحساب بهذه الطريقة لا ينفع هكذا حدث نفسه وهو ذاهب ليحضر ورقة وقلما وآلته الحاسبة ويغرق في حساباته
ومع أخر سيجارة في علبة تبغه كان قد انتهى..
بعد ثلاث سنوات يكون قد انهى جميع الديون وباستطاعته الزواج..
نام مبكراً تلك الليلة والأحلام تجعل الأبتسامة معلقة على شفتيه..
استيقظ مبكراً أفطر بفنجان من القهوة وسيجارة منكهتان بصوت فيروز الرائعة..ارتدى ثيابه على مهل
ثم انطلق يقطع الطريق بخطواته الواسعة في هذا الصباح الصيفي الجميل..
بعد مضي ساعة واحدة ..كان يخط طلب أجازة ساعية ويشق طريقه إلى الهدف..
ما هي إلا دقائق معدودات حتى أصبح أمام المحل..عدل من هندامه وابتلع ريقه..ودلف...
( أنت أغبى عامل عمل لدي من افتتاح هذا المحل خمسة أيام وأنا أقول أنزع هذه اللافتة وأنت لا تفهم )
كان صاحب المحل يوبخ أحد العاملين لديه..( أذهب وانزعها الأن)
ثم التفت إليه قائلا ً : أي خدمة يا أستاذ تفضل المحل محلك....
عدي العلوش
2002